نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 415
في ذلك الوقت الذي كنا فيه عبيدا للكنيسة وفلاحين عند رجال
الدين، وكان الرهبان عندنا يتقربون إلى الله بالجهل.. كان المسلمون يتنافسون في بناء المدارس
والمكتبات والجامعات، ويعتبرون ذلك من أقرب القرب إلى ربهم[1].
فانتشرت الكتاتيب التي تمثل المدارس الابتدائية التي تقام
لتعليم الصبيان القراءة، والكتابة، والقرآن وبعض العلوم العربية، والرياضيات، وقد
وجدت هذه الكتاتيب قديماً في الإسلام، وقد ذكر بعض المؤرخين أنها وجدت في عصر
الصحابة، وكانت من الكثرة بحيث عد ابن حوقل ثلاثمائة كتاب في مدينة واحدة من مدن
صقلية[2].
وكان الكُتَّاب في بعض البلدان من السعة بحيث يضم مئات وآلافاً
من الطلاب، ومما يروى عن أبي القاسم البلخي أنه كان له كتاب يتعلم به ثلاثة آلاف
تلميذ، وكان كتابه فسيحاً جداً، ولذلك كان أبو القاسم يحتاج إلى أن يركب حماراً
ليتردد بين طلابه وليشرف على شؤونهم[3].
وكانت هذه الكتاتيب جميعا تمول بأموال المحسنين الذين يجعلونها
وقفا لوجه الله.
بالإضافة إلى هذا.. فقد كانت أموال الموقفين تتوجه لبناء
المدارس الكبار.. والتي بدأ إنشاؤها بعد أن تضاعف إقبال طلاب العلم على حلقات
المساجد.
وقد كانت الدراسة في تلك المدارس مفتوحة لكل راغب في العلم دون
قيد أو شرط، وكان طلاب هذه المدارس يتمتعون بكل الرعاية من طعام وشراب وعلاج
وإقامة للغرباء والفقراء، وكان الأساتذة الذين يقومون بالتدريس فيها ينتخبون ممن
شهد لهم الشيوخ بالكفاءة
[1] استفدنا المعلومات
الواردة هنا من كتاب: الأوقاف في العصر الحديث، كيف نوجهها لدعم الجامعات وتنمية
مواردها (دراسة فقهية)، د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح.