وقد بين أن السبب في هذا يعود إلى المسيحية التي طبعتها الكنيسة
بطابعها الخاص، قال: (إن المسيحية التقليدية لم تعد قادرة على أن تمد المستنيرين
بنظرية كونية فقد بدأ الناس يعرفون ما يكفي من الجيولوجيا لكي يبين أن تاريخ
الخليقة الذي حدده الأسقف (آشر) بعام 4004 ق م وتاريخ قصة الطوفان بعيدا
الاحتمال.. ولكن مبدأ التثليث في المسيحية مثلاً: إن الرياضة كانت ضد هذا المبدأ
فإن أي نظام رياضي محترم لا يسمح بأن يكون الثلاثة ثلاثة وواحداً في آن واحد، أما
عن المعجزات فلماذا توقفت؟ إذا أمكن إحياء الميت في القرن الأول، فلماذا لا يحيا
في القرن الثامن عشر)[2]
لقد تخلص الإنسان في هذا العصر من القيود التي كانت تربطه
بالكنيسة، فراح يتمرد عليها في كل شيء..
لقد انطلق العقل من أغلاله في ذلك العصر، ولم يعد مقيداً بأغلال
الثنائية الديكارتية، بل بدأ يبحث عن ذاته، ويسلك طريقه لكي يتصرف كما لو كان
(إلها) بالفعل، وتعالت أصوات الباحثين والفلاسفة منادية بأن العقل هو الحكم الوحيد
والعقل هو كل شيء وما عداه فوهم وخرافة، ابتداء بالوحي وانتهاء بالفداء والصلب
والرهبانية.. فكلها أباطيل مضللة وعقائد مرذولة لأنها لا تتسق مع العقل.
قلت: ولكن العقل.. والمنطق العقلي.. يقتضي وجود الله.. بل وجود
كمالات الله.
قالت: إن رد فعل العقلانيين على الكنيسة جعلهم ينفرون من الإله
نفورا كليا.
قلت: فبم استبدلوه؟
قالت: بالطبيعة.. لقد حلت الطبيعة محل الإله.. كما يقول (سول): (صار لزاماً على