نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 380
قالت: هو الواقع الذي تدل عليه كل الدلائل.. وسأضرب لك من
الأمثلة ما يبرهن لك على ذلك.
لقد ملأت النصوص المقدسة التي يرتلها المسلمون كل حين حبا
لبعضهم البعض، فصاروا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر
والحمى.
التفتت إلي، وقالت: أتدري ما السر الذي جعلهم يفعلون هذا؟
قلت: ما هو؟
قالت: تلك التعاليم العظيمة التي امتلأت بها آيات القرآن
وأحاديث محمد.. لقد جعلتهم يجودون بالغالي والنفيس في سبيل المصالح العامة.. ففي
الحديث: كان أبو طلحة أكثر الأمصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب أمواله إليه
بيرحاء (اسم حديقة له) وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله a يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال
أنس: فلما نزلت هذه الآية:﴿
لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا
مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (آل عمران:92)، قام أبو طلحة إلى رسول
الله a فقال:
يا رسول الله، أن الله تبارك وتعالى يقول:﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ وإن أحب أموالي إلى بيرحاء، وإنها صدقة.
أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله a: (بخ بخ.. ذاك مال رابح! ذاك مال
رابح)[1]
قلت: إن كل ما ذكرته طيب.. ولكن حاجات
المجتمع أعظم من أن تفي بها مثل هذه التصرفات التي تصدر عن فئات محدودة.
قالت: لا.. لم تكن هذه تصرفات فئات محدودة.. لقد كانت تنتشر
كوعي عام في المجتمع يسد كل حاجاته، ويكفي جميع مصالحه.