ويقول (ول ديورانت): (أصبحت
الكنيسة أكبر ملاك الأراضى وأكبر السادة الإقطاعيين فى أوروبا، فقد كان دير (فلدا)
مثلا يمتلك خمسة عشر ألف قصر صغير، وكان دير (سانت جول) يملك ألفين من رقيق الأرض،
وكان (ألكوين فيتور) ـ وهو أحد رجال الدين ـ سدا لعشرين ألفا من أرقاء الأرض، وكان
الملك هو الذى يعين رؤساء الأساقفة والأديرة، وكانوا يقسمون يمين الولاء كغيرهم من
الملاك الإقطاعيين، ويلقبون بالدوق والكونت وغيرها من الألقاب الإقطاعية.. وهكذا
أصبحت الكنيسة جزءا من النظام الإقطاعى..
وكانت أملاكها الزمنية، أى المادية، وحقوقها والتزاماتها
الإقطاعية مما يجلل بالعار كل مسيحى متمسك بدينه، وسخرية تلوكها ألسنة الخارجين
على الدين، ومصدرا للجدل والعنف بين الأباطرة والبابوات)[2]
وكانت مصادر تلك الأملاك متعددة، فمنها الأوقاف، ومنها العشور،
ومنها الهبات ومنها الضرائب، ومنها السخرة.
فأما الأوقاف فقد كانت الكنيسة تستولى على أراض زراعية واسعة
وتوقفها على نفسها لتنفق منها على الأديرة والكنائس وتجهيز الجيوش للحروب الصليبية
أو الحروب التأديبية التى تقوم بها ضد الملوك والأباطرة الخارجين على سلطانها..
وفى ذلك يقول ويكلف، وهو من أوائل الذين ثاروا على الفساد الكنسى وطالبوا بالإصلاح
الشامل: (إن الكنيسة تملك ثلث أراضى إنجلترا، وتأخذ الضرائب الباهظة من الباقى)[3]
لم تكتف الكنيسة بذلك.. بل فرضت على اتباعها أن يدفعوا إليها
عشر أموالهم ضريبة