نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 321
يصور هذا، ويعمقه في نفوس أمته: (ليس الشديد
بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)[1]،
وفي رواية أخرى: (أتحسبون أن الشدة في حمل الحجارة؟ إنما الشدة في أن يمتلئ أحدكم
غيظا ثم يغلبه)[2]،
وفي رواية: (ألا أدلكم على أشدكم؟ أملككم لنفسه عند الغضب)[3]
فالحلم والعفو وسعة الصدر التي هي أركان السلام تعتبر في
الإسلام فروضا تشريعية وخلقية.. لقد قال القرآن يجمع محاسن الأخلاق:﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ
وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ((لأعراف:199)
وقد نص علماء المسلمين على أن هذه الآية من أجمع الآيات لمكارم
الأخلاق، قال جعفر بن محمد: (أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية
أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية)
بل قد وردت أحاديث محمد الدالة على احتواء هذه الآية على أصول
الأخلاق، مفسرة لها بما يقتضي انحصار الأخلاق فيها، فعن جابر قال: لما نزلت هذه الآية
﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ
بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ((لأعراف:199) قال النبي a: ( يا جبريل ما تأويل هذه الآية؟
قال: حتى أسأل، فصعد ثم نزل فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تصفح عمن ظلمك، وتعطي
من حرمك، وتصل من قطعك. فقال النبي a: (ألا أدلكم على أشرف أخلاق الدنيا والآخرة؟ قالوا: وما ذاك يا
رسول الله؟ قال: تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك)[4]