نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 273
وأخيراً لجأوا إلى القديسين وتجمعوا حول القديس فرانسيس الذي
اعتادوا حسب اعتقادهم أن ينالوا المطر ببركته فأقاموا له الصلوات والترانيم
والزينات لكن جهودهم كلها ذهبت هباء فنبذوا معظم القديسين حتى أنهم ألقوا بالقديس
يوسف في إحدى الحدائق ليجرب بنفسه الحال التي وصل إليها الناس واقسموا أن يتركوه
هناك في الشمس حتى يأتيهم المطر، وأداروا وجوه بعض القديسين إلى الحائط كما يفعل
المدرس بالتلاميذ الأشقياء، وجردوا بعضهم من ملابسهم الفاخرة وقذفوهم بأقذع السباب
والشتائم أما القديس ميخائيل رئيس الملائكة ـ حسب عقيدتهم ـ فقد نزعوا أجنحته
الذهبية ومزقوها ووضعوا مكانها أجنحة ورقية في بعض المناطق قيد الناس قس بلدته
وتركوه عارياً وأخذوا يهتفون إليه بغضب (المطر أو حبل المشنقة)[1]
قلت: هذه عقلانيتنا.. فحدثيني عن عقلانية الروحانية الإسلامية.
قالت: إن القرآن الذي هو مصدر المسلمين الأول يقيم بناء روحيا
عميقا على أسس العقل.. وعلى أسس العقل وحده..
ولهذا نجد أعلى صفات المؤمنين في القرآن هي صفة اليقين..
واليقين هو بلوغ المعرفة درجة من اليقين العقلي، بحيث تسري بعدها إلى الجوارح
وسائر اللطائف.
فالفلاح الذي أخبر عنه القرآن الكريم عند ذكره للطائفة المؤمنة
في سورة البقرة مرتبط باليقين:﴿
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ
وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ (البقرة:4)
وأئمة الهدى العارفين بالله الذين جعلهم الله نجوما لهداية
الخلق هم الذين زاوجوا بين الصبر واليقين، أو المجاهدة والمعرفة ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ﴾ (السجدة:24)