نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 257
العبارة قوله: (إن المرأ عندما تغلبه المحبة للذات الإلهية يصل
إلى مرحلة لا يرى فيها الصنع وإنما يرى الصانع)
وقال أحد العارفين: (أراد بهذه الرؤية الشهود لا رؤية البصر لأن
الرؤية من خصائص البصر، والشهود من خصائص البصيرة)
سكتت قليلا، ثم قالت: لقد نطق القرآن بهذه المعاني.. بل إن تأمل
القرآن هو الذي جعل هؤلاء العارفين يصلون إلى ما وصلوا إليه من حقائق..
اسمع لهذه الآية.. وحاول أن تعيشها.. ففيها من الحقائق ما يجعل
القلب لا يعرف وجهه إلا الله نافيا ما سواه..:﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ
وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (الحديد:3)
فالتأمل في المعاني العميقة التي تحملها هذه الأسماء يلبس
الأشياء جميعا ثوب العدم، ليبقى الحق وحده هو المتفرد بالوجودالحقيقي.
لقد قال سيد قطب ـ هو مثال العارف المسلم المملوء بالروحانية
العميقة ـ مبينا عمق المعاني التي تدل عليها هذه الأسماء الحسنى: (وما يكاد يفيق
من تصور هذه الحقيقة الضخمة التي تملأ الكيان البشري وتفيض، حتى تطالعه حقيقة
أخرى، لعلها أضخم وأقوى، حقيقة أن لا كينونة لشيء في هذا الوجود على الحقيقة،
فالكينونة الواحدة الحقيقية هي لله وحده سبحانه ؛ ومن ثم فهي محيطة بكل شيء، عليمة
بكل شيء ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ﴾
ويقول عن المعاني التي يستشعرها، وهو يعيش في ظلال هذه الأسماء:
(الأول فليس قبله شيء. والآخر فليس بعده شيء. والظاهر فليس فوقه شيء. والباطن فليس
دونه شيء.. الأول والآخر مستغرقا كل حقيقة الزمان، والظاهر والباطن مستغرقا كل
حقيقة المكان. وهما مطلقتان. ويتلفت القلب البشري فلا يجد كينونة لشيء إلا لله.
وهذه كل مقومات الكينونة ثابتة له دون سواه. حتى وجود هذا القلب ذاته لا يتحقق إلا
مستمدا من وجود الله. فهذا الوجود
نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 257