نام کتاب : ثمار من شجرة النبوة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 215
نظام (الإقطاع) [1].. وربما كان هذا النظام أبشع النظم
الاجتماعية في التاريخ [2].
وقد كان من رحمة الله بأمة محمد أنه لم يكن فيها هذا النوع من
النظم.. ذلك أن سياسة المال التي اتسم بها الإسلام، كانت تمنع ظهور الإقطاع.
والأخطر من ذلك.. ولعله هو الذي جر الثورة الفرنسية إلى ذلك
الانحلال أو ذلك الاستغلال السيء لمبادئها هو أن الكنيسة كانت أكبر الملاك
الإقطاعيين، فلذلك وقفت ضد الثورة، بدل أن تتولاها وتحميها وترشدها.
إن الكنيسة ـ التي حكمت أوروبا طيلة عصورها المظلمة ـ لم تكتف
بصد الناس عن نور الإسلام، بل ناقضت تعاليم الإنجيل الداعية إلى المحبة والتسامح
ونافست الأمراء الإقطاعيين في إذلال الشعوب وقهرها.
لقد برر القديس توما الاكويني نظام الاسترقاق الإقطاعي بقوله:
(إنه نتيجة لخطيئة آدم)[3] وكأن رجال الكنيسة والبارونات ليسوا من بني
آدم.. ولهذا لم تكن تلك الثورة في حقيقة أمرها تمرداً على الكنيسة، لأنها كنيسة،
وإنما كان ذلك لأنها مالك إقطاعي.
يقول ويلز: (كانت ثورة الشعب على الكنيسة دينية …فلم يكن اعتراضهم على قوة الكنيسة، بل
على مساوئها ونواحي الضعف فيها، وكانت حركات تمردهم على الكنيسة حركات لا يقصد بها
الفكاك من الرقابة، بل طلب رقابة دينية أتم وأوفي … وقد اعترضوا على البابا لا لأنه الرأس
الديني للعالم المسيحي، بل لأنه لم يكن كذلك، أي لأنه كان أميراً ثرياً دنيوياً، بينما
كان يجب أن يكون قائدهم الروحي)[4]
[1] سنتحدث عن هذا النوع من النظم في
فصل (نظام) من هذه الرسالة.
[2] انظر: العلمانية، لسفر الحوالى،
وغيره من المراجع السابق ذكرها.