البداية
فتحت الباب، فأشرقت شمسان عظيمتان، أما إحداهما فملأت جوانب غرفتي بالنور المضيئ الهادئ الجميل.. وأما الثانية، فملأت جوانب نفسي بالسلام والطمأنينة والسعادة.
سألت الثانية: من أنت أيتها الشمس التي تنكسف لمرآها الشموس؟
أجابني بكلام يشع كما تشع الأنوار: أنا لست شمسا.. ولكني رجل بحث عن الشمس، وأحبها، فلما ظفر ببعض شعاعها كسته ما توهمته شمسا.
قلت: فأي شمس هذه التي وهبتك من إشعاعها ما أحالك شمسا، أو قريبا من الشمس؟
قال: إنها شمس محمد.. وأنا لم أظفر إلا ببعض أشعتها.
قلت: أي محمد هذا الذي كان شمسا؟
قال: أهناك محمد غير رسول الله؟.. ألم يصفه الله، فقال :﴿ وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً﴾ (الأحزاب:46)؟
قلت: أجل.. ولكن لم خصك بهذه الأشعة دون غيرك؟
قال: لا.. إنه لم يخصني.. كل من يريد أن يظفر بأشعة شمسه نالها.. ألا ترى الشمس التي تسقي بأشعتها الحقول والمزارع والجبال!؟
قلت: وكيف لا أراها.. بل هي تسقي بأشعتها البحار والمحيطات.. بل هي تمتد إلى الأفلاك التي تحيط بها، فتملؤها بالدفء والحنان..
قال: فمن تبخل عليه الشمس بأشعتها؟
قلت: الشمس لا تبخل.. ولا تستطيع أن تبخل إذا أرادت.. فأي صبي يمكنه أن يتحداها أن تحجب أشعتها عنه؟
قال: وهكذا محمد.. لم يكن بخيلا.. بل ظل شمسا تمد الخلق بالنور والدفء والحياة