بل روي ما هو أعظم من ذلك كله، فعن عبد الله بن بريدة
قال: سمعت أبي يقول: أصبح النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم فدعا بلالاً فقال:(يا بلال بم سبقتني إلى
الجنة؟ ما دخلت الجنة قطّ إلا سمعت خشخشتك أمامي، إني دخلت البارحة، فسمعت خشخشتك.
قال:(ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين) فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم:(بهذا) [1]
وقد كان لهذه المعاملة النبيلة تأثيرها في نفس بلال
حتى أنه لم يطق أن يؤذن بعد وفاة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم..
قال محمد بن إبراهيم التيمي: لما توفي رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
أذّن بلال ورسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم لم يُقبر، فكان إذا قال: أشهد أن محمداً
رسول الله انتحب الناس في المسجد، فلما دفن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
قال له أبو بكر: أذّن يا بلال. فقال: إن كنت إنما أعتقتني لأكون معك فسبيل ذلك،
وإن كنت أعتقتني لله فخلني ومن أعتقتني له. فقال: ما أعتقتك إلا لله. قال: فإني لا
أؤذن لأحدٍ بعد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: فذلك إليك، فقام حتى خرجت بعوث
الشام فخرج معهم حتى انتهى إليها.
بل روي أن أبا بكر طلب منه أن يعينه في مهامه، فرفض،
فعن سعيد بن المسيب قال: لما كانت خلافة أبي بكر تجهز بلال ليخرج إلى الشام، فقال
له أبو بكر: ما كنت أراك يا بلال تدعنا على هذا الحال، لو أقمت معنا فأعنتنا. قال:
إن كنت إنما أعتقتني لله عز وجل فدعني أذهب إليه، وإن كنت إنما أعتقتني لنفسك
فاحبسني عندك. فأذن له فخرج إلى الشام فمات بها.
وقد كان له من السمعة في المجتمع ما جعل المسلمين
يرغبون في تزويجه بناتهم، فقد روي أن بلالاً وصهيباً أتيا أهل بيت من العرب فخطبا
إليهم فقيل لهما، من أنتما فقال: فقال بلال: أنا بلال وهذا أخي صهيب، كنا ضالين
فهدانا الله وكنا مملوكين فأعتقنا الله، وكنا عائلين