ثم بعد
ذلك كله.. فإن الشريعة الإسلامية حين قررت عقوبة القطع ـ بتلك الضوابط الكثيرة ـ
لم تكن قاسية، فهي الشريعة الوحيدة في العالم التي لا تعرف القسوة، وما يراه البعض
قسوة إنما هو القوة والحسم اللذان تمتاز بهما الشريعة يتمثلان في العقوبة كما في
العقيدة وفي العبادات وفي الحقوق وفي الواجبات.
سكت
قليلا، ثم قال: أتدرون غلاوة اليد التي أمر الله بقطعها بسبب هذه الجريمة؟
قال
بعضنا: لو كانت غالية ما أمر بقطعها.
قال ميثم:
لا.. بل هي غالية في الشريعة غاية الغلاوة.. وقد استغرب بعض المتمردين هذا، فقال:
يد بخمس مئين عسجد وديت ما
بالها قطعت في ربع دينار؟
تناقض مالنا إلا السكوت له
ونستجير بمولانا من العار
وقد رد على هذا بعض أهل الله، فقال:
يد بخمس مئين عسجد وديت ما
بالها قطعت في ربع دينار
عز الأمانة أغلاها، وأرخصها ذل
الخيانة فانظر حكمة الباري
قال رجل منا: صدق في هذا.. ولكن الذي يستغرب هو أنه ـ مع
تشدد الشريعة في الحفاظ على الحقوق ـ لم تركت الكثير ممن لم تتوفر فيهم شروط الحد
مهملين من أي عقوبة؟
قال ميثم: لا.. الشريعة لم تمهل أي مجرم.. ولكنها قسمت
الجرائم إلى قسمين: خفيفة وغليظة.. أما الغليظة، فوضعت لها الحدود.. وأما الخفيفة
فوضعت لها التعازير..
الحرابة:
قلنا: فحدثنا عن العقوبات التي شرعتها الشريعة لردع المحاربين.