فإن الله لم يكن لينسى شيئاً)، وتلا :﴿ وَمَا كَانَ
رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ (مريم : الآية 64)[1]
وقال a :(
إن الله حد حدوداً فلا تعتدوها، وفرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها،
وسكت عن أشياء رحمة بكم ؛ من غير نسيان فلا تبحثوا عنها)[2]
فالحدود التي قدرها الشرع، والتي لا يجوز اعتداؤها.. مثل
تحديد نصاب الزكاة، ومقدار الواجب منها، وتحديد أنصبة الورثة في تركة الميت.. ومثل
ذلك الفرائض التي أوجبها الله كالعبادات الأربع التي هي أركان الإسلام، ومبانيه
العظام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان
إلى الجار، وأداء الأمانات، والحكم بالعدل وغيرها.. فلا يجوز لأحد أن يسقط أو يلغي
شيئًا من هذه الفرائض، أو يتساهل فيها، ففرضيتها ثابتة في الشريعة، لا تقبل نسخاً
ولا تجميداً ولا تطويراً ولاتعديلاً، ولا يجوز أن تضيع في مجتمع مسلم.. وكذلك المحرمات
اليقينية، مثل : الشرك، والقتل، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات المؤمنات
الغافلات، والزنا وشرب الخمر، والسرقة، وأكل المال العام، وشهادة الزور، ونحوها..
فهذه كلها ثابتة لا تلين للعصور، ولا يُتهاون فيها يوماً، فيفتي بحلها مجتهد، أو
يرخص فيها حاكم.
أما ما عدا هذه الحدود والفرائض والمحرمات المنصوص عليها،
فهي ـ كما سماها الهدي النبوي ـ : (مسكوت عنها) رحمة بالبشر..