المستبدين.. لتتحقق بذلك نبوءة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم له بالشهادة[1].
لقد كان يخاطب أصحابه في تلك الأيام العصيبة قائلا: (واللـه
ما أبالي إذا أقمت كتاب اللّه وسنة نبيه أن تأجج لي نار، ثم قُذفت فيها ثم صرت بعد
ذلك إلى رحمة اللّه، واللـه لاينصرني أحد إلا كان في الرفيق الأعلى مع محمد وعلي
وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.. يا معاشر الفقهاء ويا أهل الحجا أنا حجة
اللّه عليكم هذه يدي مع أيديكم على أن نقيم حدود اللّه ونعمل بكتاب اللّه، ونقسم
بينكم فيئكم بالسوية، فاسألوني عن معالم دينكم، فإن لم أنبئكم عن كل ما سألتم عنه
فولوا من شئتم ممن علمتم أنه أعلم مني، واللـه ما كذبت كذبة منذ عرفت يميني من
شمالي ولا انتهكت محرماً منذ أن عرفت أن اللّه يؤاخذني به).. ثم قال:
[1] ورد في النصوص التي
يتداولها الزيدية بأسانيدهم الصحيحة إخبار رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم باستشهاده، ومنها أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم نظر يوماً إلى زيد بن
حارثة فبكى، وقال: (المقتول في اللّه المصلوب من أمتي المظلوم من أهل بيتي سمي
هذا)، وأشار إلى زيد بن حارثة، ثم قال: (أدن مني يا زيد زادك اسمك عندي حباً فإنك
سمي الحبيب من ولدي (زيد)
ورُوي عن أبي جعفر محمد بن
علي، عن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
أنه قال للحسين: (يخرج من صلبك رجل يقال له: زيد، يتخطى هو وأصحابه يوم القيامة
رقاب الناس غراً محجلين، يدخلون الجنة أجمعين بغير حساب)
ويروى أن أبا حمزة الثمالي
دخل ذات يوم على زين العابدين فقال له زين العابدين: يا أبا حمزة ألا أخبرك عن
رؤيا رأيتها؟ قال: بلى يا ابن رسول اللّه. قال: رأيت كَأَنَّ رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أدخلني جنةً وزوجني بحورية
لم أر أحسن منها، ثم قال لي: (يا علي بن الحسين، سَمّ المولود زيداً، فيهنيك زيدٌ)
ويروى أن والده (زين
العابدين) لما سمع بولادة ابنٍ له من الجارية السندية قام فصلى ركعتين شكراً لله،
ثم أخذ المصحف مستفتحاً لاختيار اسم مولوده، فخرج في أول السطر قول اللّه تعالى:
﴿ وَفَضَّلَ اللّه المُجَاهِدِيْنَ عَلَى القَاعِدِيْنَ أَجْراً
عَظِيْماً﴾ (النساء:95)، فأطبق المصحف، ثم قام وصلى ركعات، ثم فتح المصحف،
فخرج في أول السطر: ﴿ وَلاَتَحْسَبَنَّ الَّذِيْنَ قُتِلُوْا فِيْ سَبِيْلِ
اللّه أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُوْنَ﴾ (آل
عمران: 169)، ثم قام وركع، ثم أخذ المصحف وفتحه فخرج في أول سطر: ﴿ إِنَّ
اللّه اشْتَرَى مِنْ المُؤْمِنِيْنَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ
الجَنَّةَ يُقَاتِلُوْنَ فِيْ سَبِيْلِ اللّه فَيَقْتُلُوْنَ وَيُقْتَلُوْنَ
وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِيْ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيْلِ وَمَنْ أَوْفَى
بِعَهْدِهِ مِنَ اللّه فَاسْتَبْشِرُوْا بِبَيْعِكُمُ الَّذِيْ بَايَعْتُمْ بِهِ
وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيْمُ ﴾ (التوبة:111)، وبعد ذلك أطبق المصحف
وضرب بإحدى يديه على الأخرى، وقال: (إنا لله وإنا إليه راجعون، عُزِّيت في هذا
المولود، إنه (زيد)..أما واللـه ما أجد من ولد الحسين في يوم القيامة أعظم منه
وسيلة، ولا أصحاباً آثر عند اللّه من أصحابه)