قال
آخر: لقد ظللنا طول عمرنا نعطيهم من الأصوات ما يطلبون.. لكنا لم نجن شيئا.. لم
نجن إلا المواعيد التي لم تغن عنا شيئا.
قال
آخر: لقد ظللت طول عمري ذيلا من أذيالهم.. فلما أصابني ما أصابني الله به من
العاهة طردوني كما يطرد الكلب العقور.
قال
آخر: وأنا لم يكتفوا بطردي.. بل راحوا يفرضون علي من الإتاوات ما ملأني بالفاقة
والعجز.. وهم ـ مع هذه الحال التي وصلت إليها ـ لا يكفون عن مطالبتي.. ولو وجدوا
في دمائي ما يسد شرههم لامتصوا دمائي.
قال
آخر: لقد حصل معي ذلك.. فبعد أن عجزت أن أقضي ما علي نحوهم من ديون ـ على حسب ما
يعتقدون ـ راحوا يعبثون بجسدي.. فانتزعوا كليتي.. وكادوا ينتزعون قلبي لولا أنهم
وجدوا فيه من العطب ما يحول بينهم وبينه.
قال
آخر: فهل ستنتخبون؟
قالوا
جميعا بصوت واحد: أجل.. لقد فرض ذلك علينا فرضا.. ولا نملك إلا أن نؤدي الفرائض..
فلن تتحقق الديمقراطية ولا العدالة إلا بأصواتنا.
^^^
قالوا
ذلك، ثم انصرفوا لأسمع بعدهم أصواتا تبدو كأصوات المراهقين المشاغبين.. يختلط فيها
الجد بالهزل.. والكلام الفصيح بالصياح القبيح:
قال
أحدهم: احزروا كم أكلت اليوم من وجبة.
رد
عليه أحدهم: مهما أكلت.. فلن تأكل مثلي.. لقد أكلت اليوم في مقر حزب اليمين.. وفي
مقر حزب الشمال.. وفي مقر حزب المغامرين.. وفي مقر حزب الحكماء.. وفي مقر حزب
الشباب.. وفي مقر حزب الشيوخ.. وفي مقر حزب العمال.. وفي مقر حزب البطالين.