قال: أرأيت لو أن رجلا سطا على بيتك.. وجلس على عرشك.. وراح يأمرك وينهاك أكنت تعتقد أن طاعته واجبة عليك لا مناص لك منها؟
قلت: لا.. طاعتي له جريمة.. فكيف أرضى لمن سطا علي أن يتملكني.
قال: فكذلك قيصر.. وكذلك كل القياصرة.. لقد خلقنا الله أحرارا، فرحنا نبيع حريتنا للمستبدين ليحرقونا بنيرانهم.. ثم ننسب ذلك كله لله.
الخليفة:
قلنا: حدثتنا عن الأساس الأول.. فحدثنا عن الثاني.. فهو الذي تتنازع فيه الأنظمة والمذاهب وتمتلئ صراعا.
قال: لقد سألت صاحبي عنه، فقال ـ وهو يشير إلى السماء ـ : ألا ترى السماء.. وأقمارها وكواكبها ونجومها ومجراتها؟
قلت: بلى.. وما علاقتها بهذا؟
قال: ألا ترى كيف نظم الله الكون.. فالقمر تابع للكوكب.. والكوكب تابع للنجم.. والنجم سائر مع المجرة يتحرك وفق حركاتها.. فلا يشذ عنها ولا ينحرف.
قلت: بلى.. فما علاقة ذلك بما نحن فيه؟
قال: إن الحركات المنتظمة تستدعي نقطة مركزية أو محورا.. ولا يمكن أن تنظم الحركات من دون ذلك.
قلت: أتقصد أن الركن الثاني هو تلك النقطة المركزية؟
قال: أجل.. فلا يكفي الدستور وحده لأكثر الناس.. فلذلك هم يحتاجون إلى من ينظم حياتهم وحركاتهم.
قلت: ذلك متفق عليه عند البشر جميعا.. فما ميزة النظام الإسلامي في هذا؟