هذه النظرية: (إن
الملوك يستمدون سلطانهم من تفويض الله لهم سواءً كان تفويضاً مباشراً أو غير
مباشر)، وكان الشعب يعاني أيضاً من ظلم الإقطاعيين ورجال الكنيسة، ونتيجة المظالم
المتراكمة تفجرت الثورة الفرنسية، ورفع شعار: (اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس)
لقد تخلصت أوربا من ظلم
الإقطاع والأمراء والملوك ورجال الكنيسة، ولكنها استبدلت نظام الحكم الظالم الذي
كان جاثماً على صدرها لعدة قرون بنظام حكم آخر، هو النظام الديمقراطي الذي أخذته
من تراثها الإغريقي الروماني.
والأساس الذي استندت
إليه أوربا الحديثة في أخذها بمبدأ سيادة الشعب هو نظرية (العقد الاجتماعي) التي
صاغها كل من توماس هوبز، وجون لوك، وجان جاك روسو.. وجوهر هذه النظرية: (أن الناس
في أول أمرهم كانوا يعيشون حياتهم الفطرية البدائية حياة غير منظمة، تخلو من
التشريع الذي يحكمهم، وليس هناك دولة أو مؤسسة تنظم معاملاتهم وأمور حياتهم، ثم
نتيجة تطور الحياة احتاج الناس إلى دولة وتشريع حاكم، لأجل ذلك عقدوا فيما بينهم
عقداً تنازلوا بمقتضاه عن جميع حقوقهم أو بعضها للمجموع، من أجل إقامة السلطة التي
تحكمهم وتنظم شؤون حياتهم وتحفظ حقوقهم وحرياتهم)
والسلطة حسب هذا التصور
قامت بناء على الإرادة الشعبية، فالشعب هو صاحب السيادة والسلطة.
وبعد نضال وكفاح استمر
فترة طويلة من الزمان استقرت الديمقراطية في أوربا على صورتها الحالية، على اختلاف
بينها في الجزئيات لا يؤثر في صورتها العامة ومبادئها الرئيسية.
قال رجل منا: فما الضير
في هذا.. أليس من حق الشعب أن يحكم بالقوانين التي تتناسب مع مصالحه؟
قال: ذلك صحيح.. ولكن
التاريخ في القديم والحديث لم يذكر لنا أن هذه الخصيصة قد تحققت، فالديمقراطية
كنظام للحكم كانت دوماً نظاماً طبقياً، أي كانت ومازالت طبقة واحدة