الأولى: وهي أدناها أن تنزله منزلة
عبدك أو خادمك فتقوم بحاجته من فضلة مالك، فإذا سنحت له حاجة وكانت عندك فضلة عن
حاجتك أعطيته ابتداء ولم تحوجه إلى السؤال فإن أحوجته إلى السؤال فهو غاية التقصير
في حق الأخوة.
الثانية: أن تنزله منزلة نفسك
وترضى بمشاركته إياك في مالك ونزوله منزلتك حتى تسمح بمشاطرته في المال قال الحسن:
كان أحدهم يشق إزاره بـينه وبـين أخيه.
الثالثة: وهي العليا أن تؤثره
على نفسك وتقدّم حاجته على حاجتك وهذه رتبة الصدّيقين ومنتهى درجات المتحابـين.
التناصر:
قلنا: فحدثنا عن ثالثها.. ذلك
الذي سميته التناصر.
قال: لقد سألت صاحبي عنه،
فأجابني قائلا: هو نصرة الأخ لأخيه في مواقف الشدة والحاجة، لأن الأمن ركن أساسي في
الحياة لا يقل عن ركن الغذاء، ولذلك جمع الله تعالى بينهما في قوله :﴿
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا
رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا
اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾
(النحل:112)، وقال تعالى في ذكر نعمه على قريش:﴿ الَّذِي
أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾
(قريش:4)
لأن أسباب
الهلاك لا تصيب الإنسان من جهة الجوع وحده، بل تصيبه أيضا من الأعداء الذين
يتربصون به، بل إن هذا الجانب أكثر ضررا بالإنسان من جانب الجوع.