قال: سأذكر لكم بعض المآسي التي
رأيتها في تلاميذي.. وقد كانت هي السبب الذي جرني إلى الانتحار.. ولولا أن قيض
الله المحاسبي لإنقاذي لكنت الآن في عداد الموتى.
الصراع
قال ذلك، ثم غرق في صمت عميق..
لم نشأ أن نفسده عليه.. قال بعده: لقد كنت أسير مرة في بعض بلادنا.. وهناك رأيت
تلميذا من تلاميذي يخاصم امرأة يظهر عليها الفقر والحاجة مخاصمة شديدة، ثم يستولي
على ما بقي لها من مال، بل يطلب منها بعد ذلك أن تمضي له على بعض الأوراق..
وقد أثر في ذلك المنظر، فأسرعت
إلى ذلك التلميذ الذي ما إن رآني حتى أسرع إلي يصافحني بكل حرارة، وكأنه لم يحصل
منه أمام عيني ما حصل من القسوة والشدة.
سألته: ما خبر هذه المرأة، وما
علاقتك بها.. أراك تخاصمها بشدة؟
قال: لا.. بل هي التي تخاصمني
بشدة.. لقد كنت أقرضتها قبل فترة بعض المال.. بفائدة كما تعلم.. وأنا الآن آتي كل
حين لآخذ منها من الفوائد ما استحققته عليها.. وهي دون الناس تماطلني كل حين..
وتتعامل معي كما رأيت.
قلت: ألا ترى حالها.. إن حالها
على ما يبدو شديد؟
قال: لا يهمني حالها.. يمكنها
أن تعمل أشياء كثيرة لتسدد ما عليها من حقوق.
قلت: ولكني أعلم أنك سليل أسرة
غنية!؟
قال: أجل.. ولولا ذلك ما كان
لي هذا المال الذي أقرضته إياها كما أقرضت غيرها.