يتطلب مني أربعة شروط لا يمكنني
أن أكون راهبا مقدسا من دونها.
قلنا: فما أولها؟
قال: العزوبة.. فلا يمكن للراهب
ولا لرجل الدين.. بل ولا للمسيحي المخلص.. أن يكون متزوجا.. ولهذا، فإن هذا
الأستاذ ملأ مشاعري نفورا من المرأة حتى لو كانت زوجة، فقد كان يقول لي كل حين:(
إذا رأيت امرأة فلا تحسب أنك ترى كائنا بشرياً، بل ولا كائنا حياً وحشياً، وإنما
الذى ترى هو الشيطان بذاته والذى تسمع هو صفير الثعبان)[1]
وكان يردد علي كل حين قوله :(
من المشاكل المستعصية على الكنيسة مشكلة زواج رجال الدين غير الرهبان أو تسريهم..
لقد كانت الكنيسة منذ زمن بعيد تعارض زواج رجال الدين، لأن القس المتزوج يضع ولاءه
لزوجه وأبنائه في منزلة أعلى من إخلاصه للكنيسة )..
وكان يقول لي: (إن القس المتزوج
سيحاول أن ينقل كرسيه أو مرتبته لأحد أبنائه.. يضاف إلى هذا أن القس يجب أن يكرس
حياته لله وبنى الإنسان، وأن مستواه الأخلاقي يجب أن يعلو على مستوى أخلاق الشعب
وأن يضفي على مستواه هذه المكانة التي لا بد منها لاكتساب ثقة الناس وإجلالهم
إياه)[2]
قلنا: هذا الشرط الأول
للرهبانية، فما الشرط الثاني؟
قال: التجرد الكامل عن الدنيا..
فقد أقنعني هذا الأستاذ أن على الراهب ـ حتى يصير راهبا ـ أن يعتزل عزلة نهائية عن
المجتمع، ويقطع النظر عن كل أمل في الحياة.
قلنا: فما الشرط الثالث؟
قال: عدم الاهتمام بالجسد.. بل
تعذيب الجسد.. ألم أقل لكم: إنه كان يصور لي جسدي رماحا تحارب روحي وسيوفا تنهش
حقيقتي؟