في اليوم الأول من تلك الأيام
العشرة، نهض أحدنا، وكان أكبرنا سنا، وقال: سأبدا أنا بالحديث.. فأنا ـ على حسب ما
يبدو ـ أكبركم سنا، ولعلي كنت أقربكم للموت، لولا أن القدر طرحنا في هذا المحل
لنستوي جميعا في التهامنا للموت، أو التهام الموت لنا.
ليس هذا فقط ما يجعل لي الحق في
التفرد بالبداية.. بل هناك أسباب أخرى ستعرفونها من خلال إيرادي لحكايتي.. فأنا
الذي كتب له أن يتعلم على جمع من الأساتذة كانوا هم السبب في كل صراع عانيناه، وعانته
الأجيال الطويلة من هذه البشرية..
قلنا: من أنت أولا؟
قال: لقد سماني أهلي أسماء
كثيرة.. ولكني بعد أن التقيت النور طلقتها جميعا، ورحت أبحث عن اسم لي.. ولم أظفر
بعد بذلك الاسم.. وإن شئتم الحقيقة، فقد جئت إلى هذه البلاد لأبحث عن اسم لي.. لكن
القدر شاء أن أموت من غير اسم.. ولكن حسبي أني طلقت جميع الأسماء التي فرضت علي.
قلنا: من أي البلاد أنت؟
قال: أنا من كل تلك البلاد التي
كان يسكنها الرومان واليونان وغيرهم من الشعوب.. أنا ابن لها جميعا، وعشت على
ثراها جميعا، وتقلبت في أحضانها جميعا.. ولذلك أتيح لي أن أتتلمذ تلمذة مباشرة على
أولئك الذين يسميهم الناس عباقرة.. فينصبون لهم التماثيل، ويجثون على ركبهم بين
أيديهم يتتلمذون عليهم.
قلنا: نراك تحتقر أساتذتك.
قال: لقد أتيح لي بعد تلك
الفترة الطويلة من التلمذة على أولئك الذين يتوهم قومنا أنهم عباقرة، أن ألتقي
برجل واحد نال من أشعة شمس محمد a ما جعلني أحتقر جميع أساتذتي.. لقد
كان رجلا عاميا بسيطا في مظهره.. لكن الأشعة التي تعرض لها من تلك الشمس جعلته