فكرة عن شيء ما، فكيف السبيل
إلى التأكد من وجود شيء في العالم يتطابق مع تلك الفكرة؟
لم أجد بما أجيبه، فقال: إن
الوجود يحدث بحصول إدراكه.. فالشيء لا وجود له إلا عندما يدركه عقل الإنسان.
قلت: تقصد أن الأشياء المادية
ليست سوى أفكار مرسومة في العقل، وليس لها وجود مستقل.
قال: أجل.. هذا ما فهمته من
نظريات لوك وباركلي.. لقد رأيت من خلال الجمع بين فلسفتهما أن جميع محتويات العقل
إنما هي انطباعات وأفكار.. وقد تخطر بالبال فكرة يمكن الاهتداء إلى أصلها المتمثل
في انطباع سابق.
ولهذا يجدر بالإنسان أن يحدد
الانطباع الذي أنتج الفكرة وأعطاها معنى معينًا، فالفكرة التي تخطر بالبال من غير
أن نستدل على أصلها لابد أنها عديمة المعنى.
سكت قليلا، ثم قال: كيف يمكن
التأكد من أن المستقبل سوف يكون مثل الماضي؟
قلت: ما تقصد؟
قال: هل ستمارس قوانين الطبيعة
عملها على المنوال السابق نفسه؟
قلت: هذا هو الظاهر.
قال: لا نستطيع أن نؤكد أنها
جميعا سوف تستمر في السير على المنوال نفسه..
قال ذلك، ثم انصرف عني..
فانصرفت إلى مؤلفاته أدرسها لأبحث عن الأساس الذي انطلق منه في أفكاره تلك..
فوجدته عديم الثقة بالتأمل الفلسفي.. ولكنه يؤمن أن كل معرفة جديدة تأتي نتيجة
للخبرة، وأن كل الخبرات لا توجد إلا في العقل على شكل وحدات فردية من الخبرة..
ووجدته يعتقد أنّ كل ما مَرّ به الفرد مباشرةً من خبرة لم يكن أكثر من محتويات