يقرر عدم وجودها.. لقد كان
يردد كل حين: (إن الإنسان هو مقياس الأشياء جميعا)
وكان يردد كل حين ما ذكره في
مقدمة كتابه (الآلهة): ( عندما نأتي إلى الآلهة فإني لا أستطيع معرفة هل هي موجودة
أم لا؟ أو حتى ماذا يشبه الآلهة في شكلهم، أو هنالك أسباب عديدة تقف في طريق هذه
المعرفة، منها غموض المشكلة وقصر حياة الإنسان)
انظروا إلى التناقض الذي وقع
فيه (بورتاجوراس) المسكين.. إنه لم يربط معرفة الآلهة بالإنسان كما قال في نظريته
في المعرفة.. لقد كان الواجب عليه تقرير موقف من الآلهة متناسب مع نظريته.. لكنه
لم يفعل فهو لم يقل بأن الآلهة موجودون بالإضافة إلى من يؤمنون بهم، وغير موجودين
بالإضافة إلى من ينكرهم.
لقد كانت هذه المقولة هي التي
دفعت أفلاطون[1] على
أن يرد عليه في كتابه (القوانين) حين أعلن (أن الإله – ليس
الإنسان- هو مقياس الأشياء جميعا بحس أعلى من أي حس إنساني)
في الصف الثاني في مدرسة
السفسطة درسنا أستاذ اسمه (جورجياس).. لقد حاول المسكين بكل جهوده العقلية أن يثبت
لنا ثلاث قضايا خطيرة.. أولها أن لاشيء في الوجود موجود.. واستدل على ذلك بأن كل
شيء خاضع للتغير..
والثانية.. أنه إن وجد شيء،
فإنه لا يمكن أن يعلم.. واستدل على ذلك بأن الحواس مختلفة.
والثالثة.. أنه إذا أمكن أن
يعرف، فإنه لا يمكن إيصال معرفته للغير.. واستدل على ذلك بأن طريق الحواس ذاتى.