قلت: إن هناك أنواعا كثيرة من
الحب الشريف.. وكلها تتعلق بموتى.
قال: كل حب لا يتصل بحي أو لا
ينبع من حي لا يمكن أن ينشر الحياة، أو تنتشر به الحياة.
قلت: أنتم تذكرون حب نبيكم وحب
الأولياء وحب المؤمنين.. بل تفرطون فتزعمون أنكم تحبون كل الكون، وتذكرون عن نبيكم
قوله عن جبل أحد:( هذا جبل يحبنا ونحبه)[1]
قال: كل ذلك الحب فيض من حب
الله.. فمن أحب الله أحب لا محالة من يحبه الله.. ألستم تروون:
رأى المجنون في البيداء كلبا
فجر له من الإحسان ذيلا
فلاموه لذاك وعنفوه
وقالوا:لم أنلت الكلب نيلا؟
فقال: دعوا الملامة إن عيني
رأته مرة في حي ليلى
قلت: بلى.. ولكن ذلك المجنون.
قال: جنونه هو أنه صرف طاقة
الحب فيه إلى ليلى.. وليلى لم تكن إلا ليلا من الوهم.. ولو أنه صرفها إلى النور
لتجلى له كل شيء.. وامتلأ قلبه بالحياة التي لا حياة تضاهيها.
^^^
ما وصل صاحبي من حديثه إلى هذا
الموضع حتى سمعت صائحا يصيح: يا سمنون[2]..
[2]
نشير به إلى سمنون بن حمزة، والذي يطلق عليه (سمنون المحب)، وقد كان من كبار
العارفين المتحدثين في المحبة الإلهية، ومن أقواله :( أول وصال العبد للحق هجرانه
لنفسه، وأول هجران العبد الحق مواصلته لنفسه)
وقال أبو الطيب
العكي: ذكر لي أن سمنونا كان جالسا على شط دجلة، وبيده قضيب يضرب به فخذه حتى تبدد
لحمه وهو يقول:
كان
لي قلب اعيش به
ضاع
مني في تقلبه
رب
فاردده علي فقد
ضاق
صدري في تطلبه
واغث
ما دام بي رمق
يا
غياث المستغيث به
وعن
محمد بن حمادن قال: رأيت سمنونا وقد أدخل راسه في زرمانقته، ثم أخرج رأسه بعد ساعة
وزفر وقال: