قلت: وعيت هذا، فحدثني عن
الحقيقة.. فقد سئمت من أوهام الحب.
قال: لا حقيقة إلا في الحب
المقدس.. أما ما عداه، فوهم وسراب.. ألم يقل شاعركم:
الحبُّ يَذْهَبُ بالفوارقِ كُلِّها
ويجيبُ الشقراءَ والسمراءَ
ويجمِلُ الشوهاءَ حتى لا ترى
عينُ المحبِ حبيبةً شوهاءَ
قلت: بلى.. وقد رأيت قبله
بديارنا ببني عذرة المجنون، وهو يمر على ديار ليلى يقبل جدرانها، ويقول:
أمرُّ على الديارِ ديارِ ليلى
أقبلُ ذا الجدارَ وذا الجدارا
وما حبُّ الديارِ شَغَفْنَ قلبي
ولكن حبُّ من سَكَنَ الديارا
بل سألته مرة، فقلت له: أي شيء
رأيته أحب إليك؟ قال: ليلى.. قلت له: دع ليلى، فقد عرفنا ما لها عندك، ولكن سواها،
قال: والله ما أعجبني شيء قط فذكرت ليلى إلا سقط من عيني، وأذهب ذكرها بشاشته
عندي، غير أني رأيت ظبياً مرة فتأملته وذكرت ليلى فجعل يزداد في عيني حسناً، ثم
إنه عارضه ذئبٌ وهرب منه فتبعته حتى خفيا عني فوجدت الذئب قد صرعه وأكل بعضه،
فرميته بسهم فما أخطأت مقتله، وبقرت بطنه فأخرجت ما أكل منه، ثم جمعته إلى بقية
شلوه، ودفنته وأحرقت الذئب، وقلت في ذلك: