ولهذا، فنحن لا نرى فيما حصل
لنبينا من بركات إلا فيضا من فيوضات تمام تحققه بذلك المقام العظيم مقام العبودية
لله.
قال آخر: إن العجب يأخذ منا كل
مأخذ عندما تذكر البركة، فهل أعيان الطعام تزاد، فيتحول القليل كثيرا، أم أن شهوات
الناس تسد، فيشبعون من حيث هم جائعون!؟
عبد القادر: لقد ورد في النصوص
الكثير ما يؤكد على أن أعيان الطعام نفسها يحصل فيها من الزيادة ما يجعلها أضعاف ما
كانت عليه.
وقد روي في ذلك بعض النصوص
الدالة على هذا، فعن أنس عن أبي رافع مولى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: أهديت لنا شاة، فجعلتها في قدر،
فدخل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فقال: (ما هذا يا أبا رافع؟
فقلت: شاة أهديت لنا، فطبختها في القدر، فقال: (ناولني الذراع) فناولته ثم قال: (ناولني
الذراع يا أبا رافع)، فناولته ثم قال: (ناولني الذراع الآخر) فقلت: يا رسول الله،
إنما للشاة ذراعان، فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (أما
إنك لو مسكت لناولتني ذراعا ما دعوت به)[1]
وفي حديث آخر أن امرأة جاءت بابن
لها فذكر الحديث، وفيه: فأهدت للنبي a شاة مشوية، فقال: (خذ الشاة منها)، ثم قال: (ناولني ذراعها)،
فناولته ثم قال: (ناولني ذراعها)، فقلت يا رسول الله إنما هما ذراعان، وقد ناولتك
فقال: (والذي نفسي بيده، لو سكت ما زلت تناولني ذراعا، ما قلت لك ناولني ذراعا)[2]
وفي حديث آخر عن أبي عبيد مولى
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أنه طبخ للنبي a قدرا فيه لحم، فقال: (ناولني ذراعها)
فناوله ثم قال: (ناولني ذراعها) فناوله، ثم قال: ناولني ذراعها)،