ومن ذلك ما روي أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم مر بنفر من بني النجار بالصورين فيهم
حارثة بن النعمان قد صفوا عليهم السلاح فقال: (هل مر بكم أحد؟) قالوا: نعم، دحية
الكلبي مر على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من استبرق وامرنا بحمل السلاح سلاحنا
فأخذنا وصففنا، وقال لنا: هذا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يطلع عليكم الآن، قال حارثة بن النعمان:
وكنا صفين، فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (ذاك
جبريل بعث إلى بني قريظة ليزلزل بهم حصونهم ويقذف الرعب في قلوبهم)[2]
ومن ذلك الرعب الذي قذفه الله تعالى في
قلوب جواسيس المشركين في غزوة حنين، ففي الحديث: أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قد انتهى إلى حنين مساء ليلة الثلاثاء
لعشر خلون من شوال، وبعث مالك بن عوف ثلاثة نفر من هوازن ينظرون إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم وأصحابه، وأمرهم أن يتفرقوا في العسكر
فرجعوا إليه وقد تفرقت أوصالهم، فقال: ويلكم ما شأنكم، فقالوا: رأينا رجالا بيضا
على خيل بلق، فو الله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، والله ما نقاتل أهل الارض، إن
نقاتل إلا أهل السماوات وإن اطعتنا رجعت بقومك، فان الناس إن رأوا مثل الذي رأينا
أصابهم مثل ما أصابنا.
فقال: أف لكم، أنتم أجبن أهل العسكر،
فحبسهم عنده فرقا أن يشيع ذلك الرعب في العسكر، وقال: دلوني على رجل شجاع، فاجمعوا
له على رجل، فخرج ثم رجع إليه قد أصابه كنحو ما أصاب من قبلة منهم، فقال: ما رأيت؟
قال: رأيت رجالا بيضا على خيل بلق، ما يطاق النظر إليهم، فو الله ما تماسكت أن
أصابني ما ترى، فلم يثن ذلك مالكا عن وجهه[3].