فقد وردت الأسانيد الكثيرة بما اقترحت
قريش من ذلك على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
فقد اجتمع نفر من قريش يوما فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت
هذا الرجل الذي فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلمه ولينظر ماذا يرد
عليه.
فقالوا: ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة.
فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال: يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت
من البسطة في العشيرة والمكان في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرقت به
جماعتهم وسفهت أحلامهم وعبت آلهتهم ودينهم وكفرت من مضى من آبائهم، يا محمد أنت
خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال: أنت خير أم عبد المطلب، فسكت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، قال: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك،
فقد عبدوا الآلهة، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم نسمع قولك، إنا والله ما رأينا
سخلة قط أشأم على قومك منك، فرقت جماعتنا وأشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في
العرب، حتى طار فيهم أن في قريش ساحرا، وإن في قريش كاهنا، والله ما ننتظر إلا مثل
صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا بعضا إليك بالسيوف حتى نتفانى، أيها الرجل فاسمع مني
أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منا بعضها.
فقال له رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: قل أبا الوليد أسمع.
قال: يا ابن أخي، إن كنت إنما تريد بما
جئت به من هذا الأمر مالا جمعناه لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت
تريد به الشرف سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد ملكا ملكناك
علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطلب وبذلنا
فيه أموالنا حتى نبرئكك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه.
حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يسمعه منه قال له: أقد فرغت أبا الوليد؟
قال: نعم، قال: فاسمع مني قال: أفعل.