فبهذا الجزم، وبهذا التوكيد، وبهذا
التكرارن تأتي السورة لتنهي كل قول، وتقطع كل مساومة، وتفرق نهائياً بين التوحيد
والشرك، وتقيم المعالم واضحة، لا تقبل المساومة والجدل في قليل ولا كثير:
وقد ورد في الحديث: اعترض رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ـ وهو يطوف بالكعبة ـ الأسود بن المطلب
بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمى ـ
وكانوا ذوى أسنان في قومهم ـ فقالوا: يا محمد، هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما
نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرًا مما نعبد كنا قد أخذنا
بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرًا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه، فأنزل الله
تعالى فيهم ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا
تَعْبُدُونَ﴾ السورة كلها.
وورد: أن قريشًا قالت: لو استلمت
آلهتنا لعبدنا إلهك. فأنزل الله ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ
﴾[1] السورة كلها.
وعنه أن قريشًا قالوا لرسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم : تعبد آلهتنا سنة، ونعبد إلهك
سنة،فأنزل الله:﴿ قُلْ أَفَغَيْرَ الله ِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا
الْجَاهِلُونَ﴾(الزمر:64)[2]
ولما حسم الله تعالى هذه المفاوضة بهذه
المفاصلة لم تيأس قريش، بل أبدوا مزيدًا من التنازل بشرط أن يجرى النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم بعض التعديل فيما جاء به من التعليمات،
فقالوا:﴿ وَإِذَا تُتْلَى