فمما يروى في ذلك عن أنس قال:
كنا في الصفة عند رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
فأتته عجوز عمياء مهاجرة ومعها ابن لها قد بلغ، فلم يلبث أن أصابه وباء المدينة،
فمرض أياما، ثم قبض فغمضه النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم
وأمر بجهازه، فلما أردنا أن نغسله، قال: (يا أنس، ائت أمه فأعلمها)، قال: فأعلمتها
فجاءت حتى جلست عند قدميه، فأخذت بهما، ثم قالت: (اللهم اني أسلمت لك طوعا، وخلعت
الأوثان زهدا، وهاجرت اليك رغبة، اللهم لا تشمت بي عبدة الاوثان، ولا تحملني من
هذه المصيبة ما لا طاقة لي بحملها، قال: فوالله، ما انقضى كلامها حتى حرك قدميه،
وألقى الثوب عن وجهه، وطعم وطعمنا معه، وعاش حتى قبض النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم وحتى هلكت أمه[1].
وفي رواية قال: عدنا شابا من
الانصار وعنده أم له عجوز، فما برحنا أن فاض يعني مات ومددنا على وجهه الثوب،
وقلنا لأمه: يا هذه، احتسبي مصابك عند الله، قالت: أمات ابني؟ قلنا: نعم، قالت:
اللهم ان كنت تعلم أني هاجرت اليك، وإلى نبيك رجاء أن تعينني عند كل شدة، فلا تحمل
علي هذه المصيبة اليوم، قال أنس: فوالله، ما برحت حتى كشف الثوب عن وجهه وطعم
وطعمنا معه[2].
وفي حديث آخر عن كعب بن مالك
قال: أتى جابر بن عبد الله رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فرأى وجهه متغيرا فرجع الى امرأته، فقال: قد رأيت وجه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم متغيرا، وما أحسبه الا متغيرا من
الجوع..
فذكر حديثا طويلا في تكثيره a الأطعمة، ثم زاد فقال: فكان رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يقول: (كلوا ولا تكسروا عظما)، ثم جمع
العظام في وسط الجفنة، فوضع يده عليها، ثم تكلم