على قوم قبل أن يطلع على آخرين، فيظهر في
بعض الآفاق وبعض المنازل على أهل بعض البلاد دون بعض، ولذلك نجد الخسوف في بعض
البلاد دون بعض، ونجده في بعض البلاد باعتبار بعض أجزاء القمر، وفي بعضها مستوفياً
أطرافه كلها، وفي بعضها لا يعرفها إلا الحادقون في علم الفلك، وكثيراً ما يحدث
الثقات من العلماء بعجائب يشاهدونها من أنوار ظاهرة ونجوم طالعة عظام تظهر في بعض
الأوقات أو الساعات من الليل، ولا علم لأحد بها من غيرهم.
وسادسها أنه قلما يقع أن يبلغ عدد ناظري
أمثال هذه الحوادث النادرة الوقوع إلى حد يفيد اليقين، وأخبار بعض العوام لا يكون
معتبراً عند المؤرخين في الوقائع العظيمة، نعم يعتبر أخبارهم في الحوادث التي يبقى
أثرها بعد وقوعها، كالريح الشديد، ونزول الثلج الكثير، والبرد، فيجوز أن مؤرخي بعض
الديار لم يعتبروا أخبار بعض العوام في هذه الحادثة، وحملوه على تخطئة أبصار
المخبرين العوام، وظنوا أنها تكون نحواً من الخسوف.
وسابعها أن المؤرخين كثيراً ما يكتبون
الحوادث الأرضية ولا يتعرضون للحوادث السماوية إلا قليلاً سيما المؤرخين الأوائل،
بالإضافة إلى انتشار الجهل في زمن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم في أكثر مناطق العالم، وخاصة أوروبا.
وثامنها أن المنكر إذا علم أن الأمر
الفلاني معجزة أو كرامة للشخص الذي ينكره تصدى لإخفائها، ولا يرضى بذكرها وكتابتها
غالباً.
^^^
ما وصل بعبد القادر الحديث إلى هذا
الموضع حتى قام رجل من الجمع، وقال ـ مشيرا إلى عبد القادرـ: لقد تتبعت حديث هذا
الرجل من بدايته، وقد سرني المنطق العلمي الذي يتحدث به، وأريد أن أضيف إلى ما قال
شيئا لست متأكدا تمام التأكد منه، ولكني أحسبه بداية لحقيقة سوف تبرزها الأيام
وتؤكدها..