العلم ما استطاع أن يصور به
صورة للعالم والمجتمعات من بعده..
قاطعه عبد الحكيم، وقال: ولم
يذكر محمد a ذلك إلا من باب الشفقة على أمته
من بعده، فهو حريص عليها في حياته وبعد مماته.
عبد القادر: وهو كذلك برهان
ودليل على نبوته، فلولا الاقتناع بنبوته ما يتم الاندراج ضمن أمته.
الرجل: لقد أيقنا ذلك.. وهذا ما
دعاني لأن أسألك هذا السؤال الذي يحير البشر جميعا.
عبد القادر: تريد أن تسأل عن
أخبار نهاية الدنيا، ونهاية البشر على الأرض.
الرجل: أجل.. ما عدوت ما أقصده..
فكما أن في البشر شوقا لمعرفة أصولهم، فإن لهم شوقا في معرفة النهاية التي ينتهون
إليها.
وقد ذكرت عن محمد a أنه أخبر الكثير من الصحابة عن الحوادث
المرتبطة بوفاتهم.. فهل اقتصر حديثه على الأفراد، ولم يتعد إلى البشر؟
عبد القادر: كلا.. بل إن الله
تعالى أوحى لمحمد a من
علوم ذلك علوما كثيرة نافعة مفصلة تمتلئ نصحا ومودة.
تاريخ الساعة:
الرجل:فأخبرنا عن ذلك.. وابدأ
حديثك بالمدة التي بقيت للبشر على الأرض، فقد سمعنا بعض الوعاظ يخبرنا من تفاصيل
ذلك ما يكاد يحدد لها تاريخا معينا[1].
[1] هناك شبهات كثيرة ترتبط
بهذا الباب يثيرها بعض الوعاظ الجهلة، وهي تحدد عمر الأمة بعمر معين، وذلك مما
يستنتج منه موعد الساعة بالضبط.
وكل ما ورد في ذلك من الحديث لا
يصح، ومنها ما وري من قوله a:« إني لأرجو أن تنجو أمتي عند ربها
من أن يؤخرها نصف يوم، قيل لسعد: وكم نصف يوم؟ قال: خمسمائة سنة »، وقد تفرد به
أبو داود.
ولم يصح عن الرسول a أنه لا يمكث في الأرض قبل
الساعة ألف سنة، ولم يحدد الرسول مدة معينة لقيام الساعة.
قال ابن كثير: فأما ما يورده كثير
من العامة من أن النبي a لا يؤلف تحت الأرض فليس له أصل،
ولا ذكر في كتب الحديث المعتمدة ولا سمعناه في شيء من المبسوطات ولا شيء من
المختصرات، ولا ثبت في حديث عن النبي a أنه حدد وقتَ الساعة بمدة
محصورة وإنما ذكر شيئاً من أشراطها وأماراتها وعلاماتها.