وقد حصل ما أخبر عنه النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم فلا نزال نرى القتال بين المسلمين كل
حين، كل يدعي أنه على الحق.
فتن
المتطرفين:
ومن مظاهر الفتنة الآخرة ظهور المتطرفين المتشددين، وقد
ورد في ذلك أحاديث كثيرة تصل إلى حد التواتر، تصفهم وتصف حالهم وعبادتهم وعلامتهم،
ووقت ومكان خروجهم، والظرف التي يخرجون فيها، ومآلهم، فوقع ذلك كله طبق كما أخبر
به a.
ومنها ما رواه أبو سعيد الخدري
قال: بينا نحن عند رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وهو
يقسم قسماً ـ أتاه ذو الخُويصرة ـ وهو رجل من بني تميم ـ فقال: يا رسول الله اعدل،
قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (ويلك، ومن يعدل إن لم أعدل؟
قد خبت وخسرت إن لم أعدل)، فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه، فقال
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (دعه، فإن له أصحاباً يحقر
أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم،
يمرقون[1]من
الإسلام كما يمرق السهم من الرَّميَّة، ينظر إلى نصله[2] فلا
يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه، فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نصيَّه فلا يوجد
فيه شيء، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء سبق الفرث والدم[3]
آيتهم رجل أسود، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، تدردر، يخرجون على حين فرقةٍ من الناس)
قال أبو سعيد : فأشهد أني سمعت
هذا الحديث من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
وأشهد أن عليَّ بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس، فوجد، فأُتي
به، حتى نظرت
[1] مرق السهم من الرمية: اخترقها وخرج
من الجانب الآخر في سرعة.
[3] وما ذكره من حالات السهم،
من النصل والرصافة والنضي والقذذ فكلها كناية عن سرعة اختراق السهم للجسد، بحيث لا
يعلق به دم ولا فرث، وكذلك حال هؤلاء يمرقون بسرعة من الإسلام، فلا يعلقون منه
بشيء.