قال رجل من الحاضرين: لقد سمعنا
من بعض الخطباء من يتحدث عن تحديد نزول الفتن بما بعد المائتين، فقد رووا أن
الآيات تبدأ بعد المائتين، وأن خير المسلمين بعد المائتين من لا أهل له ولا ولد[2].
عبد القادر: كل ذلك لا يصح.. والخير في الأمة إلى يوم
القيامة.. والفتن لا تزيد الصالحين إلا صلاحا، بل إنه لولا الفتن ما ظهر المفسد من
المصلح، وقد قال تعالى:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ
وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران:142)، وقال تعالى:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا
وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ
دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ
بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (التوبة:16)
الرجل:فهل ذكر محمد مظاهر الفتنة الآخرة كما
ذكر مظاهر الفتنة الأولى؟
عبد القادر: أجل.. وسأذكر لكم
منها ما تقر به أعينكم، وتعلمون صدق نبوءاته a.
ظهور
الدجالين:
أول مظهر من مظاهر هذه الفتنة
ظهور الدجالين، لأن الفتنة لا ينفخ نارها إلا الدجالون، فقد أخبر a عن خروج الدجالين الكذابين، الذين
يثيرون الفتنة بأباطيلهم، وقد أخبر النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن عدد هؤلاء قريب من ثلاثين فقال a: (لا تقوم الساعة حتى يبعث
[2] ومن ذلك ما روي عن أبي
قتادة قال: قال رسول الله a:« الآيات بعد المائتين »، قال ابن
كثير: وقد أورده ابن ماجه من وجهين آخرين عن أنس عن النبي a بنحوه ولا يصح.. وروى رواد
بن الجراح وهو منكر الرواية عن سفيان الثوري عن ربعي عن حذيفة مرفوعاً:« خيركم بعد
المائتين خفيف الحاذ »، قالوا: وما خفيف الحاذ يا رسول الله? قال:« من لا أهل له
ولا ولد » وهذا منكر.