وأما الموضع الثاني، فهو في
الحرة الشرقية من المدينة، عند منازل بني عبد الأشهل، وقد كان عندها معركة الحرة
المشؤومة المشهورة، وكان ذلك لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة، في
زمن يزيد بن معاوية، وبقيادة مسلم بن عقبة المري، وقد قتل فيها عدد كبير من
الصحابة والتابعين وقد كتب عنها الكثير.
عزل الأنصار:
ومن المظالم التي أخبر a عن ارتكاب أهل الملك العضوض لها عزلهم
للأنصار الذين نصروا الدين، واحتقارهم لهم، واستئثارهم بالسلطة دونهم.
ومن ذلك ما وري عن أسيد بن حضير
وأنس أن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال للأنصار حين أفاء الله عليه
أموال هوازن: (إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)[1]
وحدث أنس عن ذلك، فذكر أن رسول
الله a قال للأنصار: (ستلقون بعدي أثرة
في القسم والأمر، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)[2]
وقد حدث مقسم يذكر وقوع ما أخبر
عنه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فذكر أن أبا أيوب أتى معاوية
فذكر حاجة له، فجفاه ولم يرفع به رأسا، فقال أبو أيوب: أما ان رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم قد خبرنا أنه ستصيبنا بعده أثرة قال:
فبم أمركم؟ قال: أمرنا أن نصبر حتى نرد عليه الحوض، قال: فاصبروا إذا، فغضب أبو
أيوب، وحلف أن لا يكلمه أبدا[3].
بل إن هذا الأثرة شملت سائر
الصحابة الذين تربوا على يدي رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم واستقوا