فثلطت[1]وبالت ورتعت[2]، وإن هذا المال حلو خضر، فمن
أخذه بحقه بورك له فيه، ونعم صاحب المال من أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل
ـ أو كما قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
ـ والذي يأخذ بإشراف[3] نفس كان كالذي يأكل ولا
يشبع، فيكون عليه حسرة يوم القيامة، ورب متخوض في مال الله ومال رسوله له النار
يوم القيامة)[4]
ففي هذا الحديث نبوءتان،
بعضهما يرتبط ببعض:
أما الأولى، فإخباره a عن الفتوحات المادية التي سيفتح بها على
هذه الأمة، وهو ما حصل طيلة تاريخها.
وأما الثانية، فما تحدثه تلك
الفتوح من آثار خطيرة على سلوك بعض المسلمين ودينهم، مما جعل رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يتخوف عليهم من ذلك، وقد حصل ما تخوف
منه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم في كل فترات التاريخ.. ولا
نزال نشهد آثار ذلك إلى اليوم.
ومما يروى في ذلك أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: (إن الدنيا خضرة حلوة، وإن الله
متسخلفكم فيها، لينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني
إسرائيل كانت في النساء)[5]
وفي حديث آخر أن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قال: (والله، ما أخشى عليكم الفقر، ولكن
أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوا كما
تنافسوا
[1] الثلط: الرّجِيع الرَّقِيق، وأكثر
ما يُقال للإبِل والبَقَر والفِيَلة.