فقال له كالمستهزئ: هل كان من
شئ؟ قال: نعم، قال: ما هو؟ قال: أسري بي الليلة، قال: إلى أين؟ قال: إلى بيت
المقدس. قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: نعم.
فلم ير أنه يكذبه مخافة أن يجحده
الحديث إن دعا قومه إليه، قال: أرأيت إن دعوت قومك تحدثهم ما حدثتني؟ قال: نعم،
قال: يا معشر بني كعب بن لؤي.
فانفضت إليه المجالس، وجاءوا حتى
جلسوا إليهما.
فقال: حدث قومك بما حدثتني فقال
النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (إني أسري الليلة بي)، قالوا:
إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس، قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: نعم فمن بين
مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجبا، وضجوا وأعظموا ذلك.
فقالوا: يا محمد صف لنا بيت
المقدس، كيف بناؤه وكيف هيئته؟ وكيف قربه من الجبل؟ وفي القوم من سافر إليه.
فذهب ينعت لهم بناءه كذا وهيئته
كذا، وقربه من الجبل كذا، فما زال ينعته لهم حتى التبس عليه النعت، فكرب كربا ما
كرب مثله، فجئ بالمسجد وهو ينظر إليه حتى وضع دون دار عقيل أو عقال، فقالوا: كم
للمسجد من باب؟ ولم يكن عدها، فجعل ينظر إليه ويعدها بابا بابا، ويعلمهم.
فقال القوم: أما النعت فوالله
لقد أصاب.
ثم قالوا: يا محمد أخبرنا عن
عيرنا.
فقال: (أتيت على عير بني فلان
بالروحاء قد ضلوا ناقة لهم، فانطلقوا في طلبها، فانتهيت إلى رحالهم، فليس بها منهم
أحد، وإذا قدح ماء فشربت منه، ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التنعيم يقدمها جمل
أورق عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان وها هي ذه تطلع عليكم من الثنية)
وقد حصل كل ما أخبر عنه a، لكن ذلك لم يزدهم إلا جحودا وعتوا.