فهذه الآية تدل على اجتماع اليهود في
مكان واحد[1]، ولم يجتمع اليهود في التاريخ
في مكان واحد عبر التاريخ إلا مؤخراً في فلسطين [2].
العداوة بين المسيحيين:
عبد القادر: ومن ذلك ما أخبر به القرآن
الكريم عن ألوان العداوة التي تقع كل حين بين الطوائف المسيحية [3]، قال تعالى:﴿
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيـمٍ﴾ (مريـم:37)، وقال تعالى:﴿ وَمِنَ
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا
ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى
يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا
يَصْنَعُونَ﴾ (المائدة:14)
فالآية الأولى تبين أن المسيحيين انقسموا
أحزاباً، بعض هذه الأحزاب أقرب إلى الحق من البعض الآخر.
والآية الثانية تبين أن فريقاً من
المسيحيين قد نسوا كثيراً من تعاليم دينهم مما كان سبباً في أن أصبح بعضهم لبعض
عدواً.
وأن هذه العداوة لن تزول، ولكنها ستستمر
حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ولكي نرى مدى صدق هذه النبوءة في مجال
حقائق التاريخ يجب علينا أن نتتبع سيرة المسيحية من بدء ظهورها حتى الآن وسنجد
حينئذ أن هذا التاريخ لم يحِد يوماً عن منطوق هاتين الآيتين، بل سار على نهجهما
وتَرَسَم خطاهما.
[1] فكلمة لفيف تعني الشيء
المجتمع، والملتف من كل مكان واللفيف؛ والقوم يجتمعون من قبائل شتى ليس أصلهم
واحدا، واللفيف ما اجتمع من الناس من قبائل شتى، واللفيف الجَمْع العظيم من أخلاط
شتى فيهم الشريف والدنيء والمطيع والعاصي والقوي والضعيف.
[2] انظر:كتاب نهاية إسرائيل
والولايات المتحدة الأمريكية، خالد عبد الواحد.
[3] انظر: كتاب القرآن
والعلم، تأليف أحمد محمد سليمان، دار العودة بيروت.