ابتسم عبد القادر، وقال: لقد ذكر القرآن
الكريم ذلك أيضا، وبين سره، فقال تعالى:﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ
أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ
وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ
بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ (آل
عمران:112)
فقد ذكر الله تعالى في هذه الآية أن
اليهود لا يخرجون عن بعض الذلة التي طبعوا عليها بسبب ذنوبهم إلا بسند يحميهم.
قام رجل من الجمع، وقال: صدق القرآن في
هذا.. وقد تتبعت تاريخ اليهود، فلم أر الذلة رفعت عنهم إلا بسند يستندون إليه..
فهم قوم انتهازيون وصوليون، يتملقون الأقوياء ويتحالفون معهم من أجل خدمة أهدافهم.
عندما ظهر قورش الفارسي في بلاد فارس، وأصبح
قوة جبارة، ساعده اليهود واعتبروه مخلصاً ربانياً لهم، بل وصفوه بالمسيح المنتظر،
كما جاء في سفر أشعيا: (هكذا يقول الرب لمسيحه، لقورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس
أمامه أمماً، وأحل أحزمة ملوك، لأفتح أمامه المصراعين، فلا تغلق الأبواب، إنني
أمشي أمامك، وأمهد الهضاب، وأحطم مصراعي النحاس، وأكسر مزاليج الحديد، وأعطيك
مكنونات الكنوز وذخائر المخابئ، حتى تعرف أني أنا الرب الذي يدعوك باسمك، لقبتك
وأنت لا تعرفني)
وقد قدم قورش هذا وعداً لليهود بالعودة
إلى فلسطين، على نفس الطريقة التي صدر بها وعد بلفور.
[1] انظر: اليهود والتحالف مع
الأقوى تأليف نعمان عبد الرزاق السامرائي.