بدأ حديثه بقوله: لا شك أنكم تعلمون بأن
الغيب لا يعلمه إلا الله.. القرآن يقول هذا.. فهو يصرح كل مرة بقوله:﴿
وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾ (الأنعام: 59)،
وبقوله:﴿ قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ
إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ (النمل:65)،
وبقوله:﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً﴾
(الجـن:26)
حتى محمد.. القرآن يأمره بأن
يقول:﴿ قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ
الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى
إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا
تَتَفَكَّرُونَ﴾ (الأنعام:50)
بل إنه يأمره بأن يردد بكل تواضع
قوله:﴿ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ
اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا
مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ﴾ (لأعراف:188)
ويأمره أن يرد على المخالفين المكذبين له
بقوله:﴿ وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ
إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ
الْمُنْتَظِرِينَ﴾ (يونس:20)
ثم أفاض يتحدث عن هذا بإطناب طويل، وقد
تعجبت كثيرا من طرح بولس هذه الطروحات في هذا المقام.. إنها طروحات عقلانية
صحيحة..وقد سرت الجمع الحاضر، ولم أر من يرفع يده ليخالفها.
لكني لم أع ما يريد من خلالها إلا بعد
أن قال: فالتنبؤ بالغيب إذن معجزة.. ومحمد ـ كما ينص القرآن ـ ينفيها عن نفسه، بل
ينفيها عنه قرآنه.
هذا هو الشق الأول من المعادلة التي نريد
طرحها عليكم.. احفظوها، فسنعود إليها.
نبوءات من الكتاب المقدس
ألقى بولس نظرة إلى الحضور، ثم ابتسم
ابتسامة عريضة، وقال: لاشك أنكم تتساءلون