في اليوم التاسع.. كانت المحاضرات عن الطب والتداوي.. وقدم المحاضرون
محاضراتهم التي غلب عليها الجانب البياني والفقهي، ثم تلاها صديقي الطبيب بالحديث
عن ضرورة التداوي، وأنواع الأدوية،
ومنافعها ومضارها.
وكان صديقي الطبيب ـ على حسب ما
تعرفت عليه ـ من جمعية تحذر من مخاطر الإسراف في العلاج الحديث لعدم مناسبته
الجسم.. ولذلك لم يكن منبهرا انبهارا شديد بمنجزات العلم.. بل كان يخاف كثيرا من
منجزاته التي قد يستغلها من يسميهم باللوبي الطبي.. وربما كانت هذه الآراء مما قد
يقربه من الأديان.. ولكنه كان شديد النفور منها، وقد أخبرني عن سر ذلك في الأيام
التي جلست فيها معه.
لقد ذكر لي بكل حزن تلك الفترة من
شبابه التي حن فيها قلبه للملأ الأعلى، واشتاقت روحه لمعرفة أسرار الأكوان..
وحينذاك دله بعض الناس على الكتاب المقدس، فحمله إلى بيته، وفي قلبه أشواق عظيمة..
وفتح الكتاب المقدس على سفر اللاويين.. وراح يقرأ:(وعلى
المصاب بداء البرص أن يشق ثيابه ويكشف رأسه ويغطي شاربيه، وينادي: (نجس! نجس!).
ويظل طول فترة مرضه نجسا يقيم وحده خارج المخيم معزولا) (سفر الللاويين: 13: 45)
أصيب بدهشة عظيمة لهذا النص.. فهو يعرف داء البرص، ويعرف ما ينبغي أن يعالج
به، ولم يكن يتصور أن يكون الإله قاسيا على المرضى بهذه الدرجة..
اتهم نفسه، وسوء فهمه.. وواصل القراءة:(يأتي صاحب البيت ويخبر الكاهن أن داء
البرص قد يكون متفشيا بالبيت، فيأمر الكاهن بإخلاء البيت قبل أن يدخل إليه لئلا
يتنجس كل ما في البيت، ثم يدخل الكاهن البيت ليفحصه. فإذا عاين الإصابة ووجد أن في
حيطان البيت نقرا لونها ضارب إلى الخضرة أو إلى الحمرة، وبدا منظرها غائرا في
الحيطان، يغادر الكاهن البيت ويغلق بابه سبعة أيام. فإذا رجع في اليوم السابع
وفحصه، ووجد أن الإصابة قد امتدت