ألكسيس: لقد اعتبر هؤلاء أن الانسان هو هذا الهيكل المحسوس، وليس ثمة وجود
مستقل عن المادة يسمّى بالروح، بل هي من خواص الجسد، وتخضع لجميع القوانين التي
تحكمه، ومجموع ظواهر الشعور والعقل والارادة والفكر، ما هي إلاّ وظائف عضوية مثلها
كمثل جميع الوضائف البدنية الاُخرى، وكذا الآثار الفكرية والمعرفية عندهم ماهي
إلاّ نتائج وآثار فيزيائية وكيميائية للخلايا العصبية والعقلية، وجميع تلك الآثار
والنشاطات الروحة تظهر بعد ظهور العقل والجهاز العصبي، وتموت بموت الجسد، فإذا مات
الانسان بطلت شخصيته، واندثر بدنه، وزال معه كلّ ما بلغه من محصول عقلي وارتقاء
نفسي وكمال روحي.
وتجاهلت الفلسفة المادية الحديثة كل الخصائص والآثار الروحية التي لا تخضع
لقانون المادّة، وأعلنت أن الروح ومظاهرها من الشعور والعلم لا وجود لها كوحدة
متميزة عن جسم الانسان المادي، وإنّما هي في ذاتها وظيفة له ونتيجة لعلاقته
بالعالم الخارجي، وأن الأفكار والأماني لا توجد إلاّ من خلال عملية مادية، كحصول
الحرارة نتيجة احتكاك قطعتين من الحديد مثلاً، وأن جميع الخصائص التي يتمتع بها
الانسان ما هي الا نتيجة لردّة فعل للعالم الخارجي وأن الوعي بمختلف مظاهره ليس
إلاّ نتاج مادة عالية التنظيم، أي نشاط الدماغ ووظيفته.
وقد تمسّك الماديون في الدلالة على مذهبهم القائم على إنكار الروح، بجملة
افتراضات غارقة في الغموض وتفسيرات واهية لا تملك أدنى رصيدٍ من الإثبات.
علي: ولكن.. ألا يمكن لقولهم شيء من الوجاهة؟.. لماذا لا نعرضه على المحك
العقلي؟.. القرآن يدعونا إلى ذلك.
ألكسيس: إن هؤلاء لا دليل لهم.. ولا يمكن أن يكون هناك أي دليل على ما
يقولون..