قلت: الطين هو سليكات الألمونيوم، وهي مادة لا ت ذوب في الماء، ومن ثم لا
يمكن أن تدخل في تركيب جسم الإنسان.
علي: أولا.. أنت تعلم أن للحبيبات سطوحاً تحمل كاتيونات، وأن بينها مسافات
تحتوي هواء، وتمسك بماء تذوب فيه مواد.. بالإضافة إلى ذلك، فخلق الإنسان من طين لا
يستلزم خلقه من كل الطين، وإنما يكفي أنه يخلق من أحد محتويات الطين..
إن ذلك يشبه قول أحدنا بأنه يسكن هذه المدينة مع أنه لا يسكن إلا في حي
منها، بل في شارع، بل في منزل واحد.
بالإضافة إلى هذا، فقد ذكر الله تعالى أنه خلق الإنسان ﴿ مِنْ
سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} (المؤمنون: 12)، أي من مواد تتسلل من الطين، فهي محتواة
فيه.. فالتسلل هو الحركة الخفيفة، واللص المتسلل هو الذي يتحرك فلا يراه أحد، وصيغة
(فعالة) تدل على الشيء يفعل فيه فعل ما، فالسلالة ما يسل ويخرج في خفاء، والسلالة
ما يسلت من شيء آخر ويفصل عنه.
والخلاصة هي ما يستخلصه وينقي مما يختلط به الطين الذي تتكون حبيباته من
سيلكات الألومونيوم فيه مسافات تحتوي ما يمكن أن يحرك ويستخلص، وهو (السلالة) التي
عرفنا بالوسائل العلمية أنها ماء ذابت فيه غازات وأيونات وجزيئات صغيرة من أصل
عضوي وبعض الأملاح.
ولأهمية المسافات البينية والمسام الموجودة في الطين وصف القرآن هذا الطين
بقوله:﴿ خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} (الرحمن:14)،
فمن لا يعرف أن الإناء الفخاري يتسلل الماء من داخله إلى خارجه، فيبخر ليبرد
الإناء وما فيه.
وإذا كان الماء محتوياً على ملح أو سكر مذاب ترسبت بعض بلوراته على السطح
الخارجي بعد تسللها من داخله، وقيل حينئذ إن الإناء نضح بما فيه، وفي الأمثال (كل
إناء بما