علي: وفوق هذا كله فإن الله تعالى أمرنا بأن ننظر إلى طعامنا وكيفية تكونه
لنستفيد قربا من الله، ونستفيد إلى جانب ذلك ما نطور به غذاءنا ونصلحه، فالله
تعالى يقول:﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا
صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26)
فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا
وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا
لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)﴾(عبس)
انتفض عالم النبات، وقال: أعد علي قراءة هذه الآيات.
أعادها علي عليه، فقال: أتدري.. هذه الآيات تبرز جميع العوامل الأساسية
والآليات التي يقوم عليها هذا النظام الزراعي.
فهي تشير إلى العوامل المناخية ﴿ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ
صَبًّا﴾، ففي هذا إشارة إلى جل التأثيرات التي تساهم في إنزال المطر من
الرياح، والسحب، والحرارة، والتبخر وغيرها، وقد اختزلت الآية كل هذه العوامل في
نتيجتها الطبيعية وهي نزول المطر.
وهي تشير إلى عوامل التربة ﴿ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ
شَقًّا﴾ففي هذا إشارة إلى دور التربة في النظام الزراعي ككل وطرق الحرث
وقلب الأرض.
وهي تشير إلى النبـات ﴿ فَأَنْبَتْنَا ﴾ وهذا العامل الثالث
الأساسي لتحديد مدى نجاح العملية الزراعية، ويشمل ظروف عملية الإنبات ونوع البذور
المستعملة.
فهذه العوامل الثلاثة هي التي تـحدد مدى نجاح أي عملية زراعية.. فهي معادلة
ذات ثلاث عناصر: المناخ، والتربة والنبات.
وهذه الحقيقة التي جمعت هذه الآية أركانها هي التي تُدّرس حاليا في الجامعات
في أساسيات علم الهندسة الزراعية.. فقبل إنجاز أي مشروع زراعي لا بد من دراسة
العوامل