في اليوم الخامس.. كانت المحاضرات عن النباتات في القرآن الكريم، وقد غلب
على محاضرات هذا اليوم ما غلب على محاضرات سائر الأيام من الاهتمام بالجانب
البياني، وإغفال الجانب العلمي.
ثم قدم عالم النبات محاضرته التي ذكر فيها المبادئ العامة التي يعتمد عليها
النظام الزراعي.
وهذا العالم ـ على حسب ما عرفته في الأيام السابقة ـ شخص شديد الاحتكاك
بالطبيعة، شديد الحب لها، وقد كان يتألم كثيرا لكل خبر جديد يسمعه عن تأثير
الإنسان في الطبيعة.
وكان أقرب الجماعة إلى التدين.. لقد كان يقول لي: أنا أشعر بأن هذه النباتات
التي نتعامل معها كما نتعامل مع الجماد كائن حي له مشاعر لا تختلف كثيرا عن
مشاعرنا.. وله توجه لخالقه الذي برأه لا يختلف عن توجهنا.
ولكنه ـ مع ذلك ـ كان منصرفا انصرافا كليا عن الكنيسة، وعن الكتاب المقدس،
فلم يكن يشعر نحوهما بأي مشاعر إيمانية، وقد أفصح لي عن ذلك، وذكر لي من أسبابه
ذلك التقزيم المفرط لله وعلاقته بكونه في الكتاب المقدس.
فالخالق الذي خلق كل شيء، وأبدع كل شيء ينحدر في الكتاب المقدس انحدارا
عميقا ليصبح ربا لثلة محدودة من الناس، لا هم له إلا رضاها وتدليلها.
وقد اتخذ لذلك موقفا من سائر الأديان.. بما فيها الإسلام، ولو أنه لا يعلم
عنه شيئا.