فهل تراك ستستدل لهذا من القرآن، أم من العلم الحديث.
علي: من كليهما.. فالقرآن كلام الله.. والعلم هو الحقائق التي ينطق بها
الوجود.. ويستحيل على الوجود أن يخالف في كلامه ما يقوله بارئه.
الفلكي: صدقت في ثقتك بكلام ربك.. فمعلوماتنا الكونية في هذا الصدد تصدق
بصورة مدهشة إمكان ما تذكره من ذلك.. فالعلم الحديث يؤكد بأن جميع أعمالنا، سواء
أباشرناها في الضوء، أم في الظلام، فرادي، أم مع الناس، كل هذه الأعمال موجودة في
الفضاء في حالة الصور، ومن الممكن في أي لحظة تجميع هذه الصور، حتى نعرف كل ما جاء
به إنسان من أعمال الخير والشر طيلة حياته.
فقد أثبتت البحوث العلمية أن كل شيء حدث في الظلام أو في النور، جامدا كان
أو متحركا، تصدر عنه (حرارة) بصفة دائمة، في كل مكان، وفي كل حال، وهذه الحرارة
تعكس الأشكال وأبعادها تماما، كالأصوات التي تكون عكسا كاملا للموجات التي يحركها
اللسان، وقد تم اختراع آلات دقيقة لتصوير الموجات الحرارية التي تخرج عن أي كائن، وبالتالي
تعطي هذه الآلة صورة فوتوغرافية كاملة للكائن حينما خرجت منه الموجات الحرارية.
علي: لقد عبر القرآن الكريم عن هذا التسجيل العجيب، فقال على لسان الذين
يناقشون الحساب يوم القيامة:﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ
مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا
يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا
حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} (الكهف:49)
داروين: فأنتم ترون أن كل ما نراه في الكون أجهزة تقوم بتسجيل كامل لكل
أعمال الإنسان.
علي: أجل.. فكل ما يدور في أذهاننا يحفظ إلى الأبد، وكل ما ننطق به من
الكلمات يسجل بدقة فائقة، فنحن نعيش أمام كاميرات تشتغل دائما، ولا تفرق بين الليل
والنهار.