ولكن العلم بجيمع فروعه ـ اليوم ـ ينص بحاله ومقاله على خلاف هذه النظرية،
فقد أثبتت فروع علمية كثيرة مثل علم الحفريات، والوراثة، والكيمياء الحيوية،
والأحياء الجزيئية استحالة أن تكون الحياة قد نشأت بالمصادفة، أو أن تكون قد ظهرت
من تلقاء نفسها نتيجة ظروف طبيعية.
لقد برهنت التجارب العلمية في الواقع استحالة أن تكون أول خلية حية، أو حتى
جزيء واحد من ملايين جزيئات البروتين في تلك الخلية، قد نشأت بالمصادفة، ولم يثبت
ذلك من خلال التجارب والملاحظات فحسب، بل أيضا من خلال حسابات الاحتمالية
الرياضية.
داروين: لك أن تقولك ذلك، ولكن كيف تفسر التشابه الكبير بين جينوم البشر
وجينوم الشمبانزيات، فقد وصلت نسبة التشابه بينهما إلى 99 في المائة.. ألا ترى هذا
وحده كافيا لأن يثبت لك الأصل الذي جاء منه الإنسان؟
ابتسم علي، وقال: من الطبيعي وجود مثل هذا الشبه بين جميع المخلوقات، وليس بين
الإنسان والقرد فقط، فالأحياء جميعًا تتكون من الجزيئات نفسها.
ولكن هل وجود العجلة في الدراجة وفي السيارة وفي الطائرة وفي القطار وفي
الحاصدة الزراعية وفي آلات وأجهزة أخرى كثيرة يدل على أن السيارة تطورت آليًّا من
الدراجة ثم تطورت إلى الطائرة أو إلى القطار.
ولكن يدل على أن هذه المكائن كلها من تصميم الإنسان، أي يرجع إلى مصمم واحد
هو الإنسان. والأبنية بمختلف أشكالها وأنواعها ووظائفها ترجع إلى وحدات أساسية في
الأصل هي الطوب أو الخرسانة ولا يمكن لأحد الادعاء بأن بعضها تطور عن البعض الآخر
استنادًا إلى تشابه لَبِنَات البناء.
داروين: ولكن هذه النسبة مع ذلك تظل عالية.
علي: ومع ذلك فإن الفرق يظل بعيدا.. أليست هذه الجينات هي الحروف التي يتشكل