كانت المحمية غاية في الجمال.. وكأنها تضاريس للأرض جميعا بصحرائها وجبالها
وبحارها.. بل شملت المحمية الأزمنة المختلفة.. وعبرت عنها خير تعبير.
كان الحديث هذا المساء ـ حسبما اتفقنا ـ مع عالم الحياة الذي كان يحب أن
يسمى (داروين)، ولذلك كنا ندعوه به.. وكان يفرح لذلك.
لقد كان (داروين) صاحب نظرية التطور هو مثله الأعلى.. فلذلك كان يحفظ أقواله
وأقوال أنصاره.. ولا يمل من تردادها.
لست أدري هل كان يستشعر صدقها.. أم كان يفر من التساؤلات الخطيرة التي
يفرزها كذبها؟
وهو نفسه لم يكن يعلم هل كان يعتقد بتلك النظرية لكونها علما، أم لكونها
فكرة وضعها بعض الناس ليفروا بها من الله.
ولذلك كله كان يتألم.. كما كان يتألم جميع أصدقائي من العلماء.
أصل الحياة
أمام قفص ضم مجموعة من القرود وقفت مع أصحابي العلماء ننظر لتلك الحركات
المدهشة التي تقوم بها القرود.
لست أدري كيف خطر على بالي أن أسأل صاحبي عالم الحياة (داروين) عن سر هذه
التصرفات والحركات التي تتميز بها الحيوانات.. فكل حيوان من الحيوانات يحمل من
الذكاء ما يستطيع أن يحفظ به وجوده فترة من الزمن.. بل له من الذكاء ما يحفظ به
استمرار نسله من بعده.
كنت أعلم رأيه في المسألة.. ولكني لم أكن أعلم مدى ما يحمله تصوره من
موضوعية