فإذا علمنا أن 27 بالمائة من سطح كوكب الأرض يابس قاري أو جبلي مرتفع،
والباقي 73 بالمائة غير مرتفع، أي: في مستوى ماء البحار والمحيطات، فإن المعنى
الفيزيائي والجيولوجي لهذه الآية والمشار إليه بإنقاص الأرض من أطرافها يحتمل عدة
تفسيرات علمية بالاستعانة بما يجري لليابسة من نقص مستمر من أطرافها.. ولعلها كلها
مقصودة من القرآن الذي يعرف كيف ينتقي مفرداته وتراكيبه لتدل على أكبر قدر من
الحقائق.
فهو يحتمل استمرار انكماش سطح الكرة الأرضية امتداداً لأثر التبريد الذي حدث
لقشرتها منذ انفصالها من الشمس، وهو ما أدّى إلى نقص محيط الأرض بحوالي 300
كم حتى الآن، وما زال التبريد مستمراً مما يؤدي إلى نقص أقطارها من أطرافها،
ويمكن الكشف عن هذا النقص البطيء والتدريجي بأجهزة الاستشعار عن بعد من الفضاء،
والتي تستخدم حالياً لقياس الطيات الحادثة في قشرة كوكب الأرض للتنبؤ بحدوث
الزلازل.
ويحتمل ـ كذلك ـ أن يراد به الطغيان المستمر لمياه البحار والمحيطات، فقد
غمرت هذه المياه في الماضي معظم الأراضي التي نراها الآن يابسة، وربما حدث ذلك عدة
مرات نتيجة الانخفاض المحلي في جزء من الأرض أو الارتفاع العام بمستوى سطح البحر
بما يؤدي عادة إلى هذا الطوفان والطغيان على الأرض المنخفضة من شواطىء القارات،
وبلغة الجيولوجيا يمكن القول بأن الشواطىء التي تفصل اليابسة عن البحار تعتبر
دائماً حدوداً مرنة غير ثابتة قابلة للتغيير، وهناك نماذج لمدن مغمورة تحت البحر،
وهذا يحدث باستمرار.
وهذا قد يحدث في كل أطراف الأرض اليابسة نتيجة ارتفاع مستوى البحار نظراً
لتراكم الرواسب والكفح البركاني في قاع البحر وارتفاع القشرة الأرضية لهذا القاع
وانصهار بعض
[1]انظر: الإشارات
الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية، أو لم يروا أنا نأتي الأرض
ننقصها من أطرافها، د. زغـلول النجـار، الأهرام: 41972 السنة 126- 5/11/ 2001.