الجيولوجي: فهمت مرادك.. ولكنه يصعب على العامي فهمه.
علي: ألم أذكر لك أسلوب القرآن في مثل هذا!؟ .. لا يمكن للقرآن أن يخاطب
عاميا بسيطا، هو أشبه بالطفل في عقله ومعارفه ليقول له: أنت تقف على كرة.. وغيرك
يمكنك أن يقف تحتك على هذه الكرة.
إن ذلك قد يثير الدهشة في العامة البسطاء.. فلذلك اكتفى القرآن بالإيماء إلى
هذا.. وكرر الإيماء في صيغ مختلفة ليتيقن منها العلماء مراد القرآن من غير أن
يتضرر العامة بذلك.
سأذكر لك آية أخرى تدل على هذا.. وهي في نفس الوقت لا يفهمها العوام إلا
بحسب معارفهم البسيطة، وكلا المعنيين صحيح.
وهذه الآية هي قوله تعالى:﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا
﴾ (النازعـات:30)، فلفظ (دحاها) في الآية يعني معاني كثيرة منها ما يتوافق
مع أفهام العامة البسطاء، ومنها ما لا يدركه إلا أهل العلم، فمن معانيها التي
يفهمها العامة، وقد يتعلق بها مثيرو الشبه، هو (مدها وبسطها)، وهو معنى صحيح كما
ذكرنا سابقا، بل فيه دلالة على كروية الأرض، فلا يمكن أن تمد الأرض، وتبسط إلا إذا
كانت كروية.
زيادة على هذا، فالفعل (دحا) له معاني أخرى وردت في اللغة:
منها معنى (رمى من المقر)، وهذا فعلاً ما حدث للأرض عند انفصالها من الشمس
منذ 4.6 مليار سنة، خاصة وأن الفعل (دحا) أتى بعد تمام إخراج الضحى في السماء كما
في في قوله تعالى:﴿ وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا ﴾ (النازعـات: 29)، أي:
أتمّ صنع النوم فيها.
ومنها معنى (أزاح)، كما ورد باللغة دحا المطر الحصى عن الأرض، والإزاحة
معناها حركة بسرعة معينة مما يشير إلى حركة الأرض، وهو ما كشفه العلم الحديث من
حركات الأرض.