في اليوم التاسع.. كلفني أخي بالذهاب إلى مدرسة من المدارس
التابعة للكنيسة، وقد كانت هذه المدرسة في ضاحية من ضواحي الإسكندرية، وكانت تحتل
موقعا رائعا، تحيط بها الأشجار، وتغمر ساحتها بساتين الورود بأشكالها.. ليعطي كل
ذلك توافقا بين التعاليم التي تدرس، والجو الذي يدرس فيه.
زرت بعض الأقسام، فبهرت بمدى نظامها، وجمالها، ومدى انضباط
طلبتها، لقد شجعني كل ذلك تشجيعا عظيما.. اكتفيت به لأعود إلى أخي لأبشره بما
رأيت.
لكني لم أسر إلا قليلا في ساحة المدرسة حتى استوقفني رجل
يظهر من شكله أنه معلم بالمدرسة.
وقفت، ورحبت به، وقلت: لا شك أنك معلم بهذه المدرسة
المحترمة.
قال: أجل.. وأنت ضيفنا العزيز الذي قدم من بلاده البعيدة
ليشرفنا بزيارته.
قلت: أجل.. لقد تعمدت أن تكون زيارة قصيرة لئلا أشغلكم عن
وظائفكم النبيلة التي تقدمونها للبشرية.. أنتم ـ معشر المعلمين ـ خلفاء رسل
المسيح، وحفظة الكتاب المقدس.. ولا ينبغي أن تضيع دقيقة من حياتكم في غير الرسالة
التي وكلت لكم.
قال: شكرا على هذا التقدير.. وإن سمحت لي أن أجلس معك
لأحدثك عن بعض العقبات التي تعترضنا من أجل الأداء الأمثل لوظيفتنا أكون لك شاكرا.
قلت: ما جئت إلا لأجل هذا.. لكني لم أسمع من زملائك من
المعلمين إلا الثناء العطر على البرامج وعلى الإدارة وعلى الكنيسة الراعية.
قال: لقد منعهم حرصهم على مناصبهم من البوح بما أريد أن
أبوح لك به.
قلت: حدثني.. ولا تتحرج من شيء.. فلا ينبغي أن يحول بيننا
وبين مصالح متعلمينا أي